تمحورت فعاليات معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية 2014 هذا العام حول ثيمة البقاء، ومنها استمد 3 محاور أساسية استوحاها من التراث الإماراتي المادي والمعنوي والتي ترتبط بشكل مباشر بموضوع الصيد البرّي والبحري وغيرها من المواضيع ذات الصلة، ومثال على ذلك “الأسلحة وصنع البارود”، التي خصصت لها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي بجناحاً متفرداً بها.
الزائر لجناح الأسلحة وصنع البارود لا يمكن أن يتغاضى عن جمالية البنادق المعروضة فيه والتي تعود لأعوام كثيرة مضت، ومن أسماء البنادق القديمة المتعارف عليها في دولة الإمارات “الخديوي، أم فتيلة، أم خمس، ألمانية، وغيرها الكثير”، كما يمكن في هذا الجناح قراءة تاريخ نشأة هذه الأسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال التعريف الذي قامت بوضعه اللجنة لزوار الجناح للاطلاع أكثر على ماهية هذا السلاح وتاريخه.
ويخبرنا سعيد سالم المتواجد في الجناح لتعريف الجمهور بالأسلحة أنّ الأسلحة القديمة في الإمارات كانت تستخدم للاحتفال في الأفراح والأعراس، إلى جانب استعمالها بغرض الحماية التي تجعل الطرق الوعرة آمنة لمرتاديها، فقد كان السلاح رفيق الرجل الإماراتي في رحلاته في الصحراء وبين الجبال، وهو دليل قوة تبعد عنه وعن أهله ورفاقه طمع قطاع الطرق، كما أن الأسلحة هي آلة القنص الذي مثل متعة ومصدراً للرزق، عندما كان الرجال يعودون فخورين بغنائمهم من طرائد الطبيعة المحيطة بهم، إضافة إلى أنهم يطلقون النار في الفزعة، أي حين يكون هناك حادث يحتاج فزعة الناس ومساعدتهم، كما كان الناس يعبرون عن فرحهم واستقبالهم لضيوفهم بإطلاق النار، إلى جانب أن أهل الصحراء كانوا يحمون غنمهم وحلالهم بالأسلحة.
وتابع سعيد في استرجاعه لذكريات الأسلحة القديمة: “كان السلاح لا يفارق الرجل، ولطالما احتاجه عندما كان يذهب ليبيع أو يشتري من أجل حمايته من مخاطر الطريق المليئة بالحيوانات المفترسة. فالجبال كانت ملاذاً للنمور والذئاب، لذا كان يخرج الرجل ومعه كل ما يمتلك من أسلحة مثل أم عشر (التي يتسع مخزنها لعشر طلقات)، والصمعة وأم فتيلة أو برشوت وغيرها من أنواع البنادق المعروفة آنذاك”.
وكان يتم استيراد الأسلحة من بريطانيا والهند واليمن، ودخلت تفاصيلها في حياة الناس فاستخدموا مسميات محلية مثل الفشك، وهي كلمة تطلق على الرصاص مأخوذة من كلمة فشنك التركية، وكانت تلك التسميات منتشرة بشكل كبير اندثرت معها المسميات الأصلية لتلك الأسلحة، وكان الرجل يتمنطق بحزام فيه خنجر، ويضع حزام سبته “وهو حزام مخرم به صف من الرصاص”، ويحمل معه بندقية، مدركاً أن سبب وجود الأسلحة هو الحماية لا الإيذاء.
وعن صناعة البارود قال سعيد سالم: “لقد عرف الناس صناعة البارود المحلي، وقد اشتهر بصناعته أشخاص معروفون يأتي إليهم الناس ليحصلوا على العتاد لأسلحتهم، كما كانت الناس تجمع الفشك الفارغ لاستخدامه مرة، مثال على ذلك في الأعراس، يقومون بعدها بجمع الطلقات الفارغة ويأخذونها إلى أشخاص مختصين ليعيدوا تعبئتها بالبارود، الذي كان يصنع من شجر الأشخر مخلوطاً بالكبريت والملح بنسب معينة، ويتميز بأنه أرخص ثمناً من أنواع البارود التي تباع جاهزة في الأسواق”.