بدأت الأمسية السادسة من أمسيات "أمير الشعراء، باسم "أم الإمارات"، وبترحيب المقدمين د.نادين الأسعد ومحمد الجنيبي بأعضاء لجنة التحكيم: د. عبدالملك مرتاض، د. علي بن تميم، ود. صلاح فضل.
وبعد تقديم تقرير عن الشعراء الثلاثة من الحلقة الخامسة والذين انتظروا التصويت أسبوعاً كاملاً، وهم إياد الحكمي من السعودية، وهندة بنت حسين من تونس، ومرام النسر من سوريا، تم الإعلان عن اسمي الشاعرين اللذين تمكنا من الالتحاق بزملائهما الذين سيبدؤون مرحلة جديدة من مراحل المسابقة التي تعرضها قناة الإمارات وقناة بينونة مساء كل ثلاثاء في العاشرة مساءً، وهم إياد الحكمي الذي حصد 72% من مجموع درجات التحكيم وتصويت الجمهور، وهندة بنت الحسين بـ 62%، وليكونا إلى جانب إباء الخطيب، أفياء أمين، آلاء القطراوي، آمنة حزمون، حسن عامر، عبلة جابر، شيخنا عمر، طارق صميلي، علي العبدان، عمر عناز، قيس قوقزة، ناصر الغساني، وليد الخولي.
وقد حضر الحلقة الأديب حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء الكتاب العرب رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وحشد من الشعراء والأدباء والإعلاميين.
متأهلون ومنتظرون
كما حازت الشاعرة العراقية أفياء أمين على أعلى درجات لجنة التحكيم في الحلقة السادسة (الأولى من المرحلة الثانية)، والتي بلغت 46%، بعد أن ألقت القصيدة الرئيسة التي تمثل تجربة ذاتية للشاعر، وتُعتبر المعيار الأول في المرحلة الثانية، أما قصيدة الارتجال فتمثل المعيار الثاني وتتكون من ثلاثة أبيات، فيما كان على زملائها الأربعة الذين ألقوا قصائدهم ليلة أمس انتظار نتائج التصويت لهم، وهم آلاء القطراوي من فلسطين التي حصلت على 45%، وطارق صميلي من السعودية وآمنة حزمون اللذين حصلا على 43%، وكذلك علي العبدان من الإمارات، إذ بلغت النسبة التي حصل عليها 41%، والفائز من بينهم بمجموع درجات التحكيم وتصويت الجمهور ينتقل إلى المرحلة الثالثة.
حناء أفياء
مع (مواعيد الحنّاء) بدأت أفياء أمين أمسية الشعر في شاطئ الراحة بأبوظبي، لتقول:
إنّي عشقت
وضاعت فيك أسمائي
فابحث عن الله بين الحاء والباء
واطعم حمامي - لا يرحلن -
واسقِ فمي نور الدراويش
من نجمات كاللائي
مذ فاض حضني على أيامك
انسدلت ستارة الخوف
فافتح قلبك الرائي
د. صلاح فضل أشار بداية إلى العنوان (مواعيد الحناء)، وقال إنه عنوان أنثوي عاطر يدل على تجدد الأعراس في مواسم الزينة والبوح، وإن أفياء تقيم علاقة في القصيدة بين المفتتح والخاتمة، ففي البداية تضيع الأسماء، وفي النهاية تتزاخم الأضواء تحت لسانها. وأضاف: حلوُ أن تطلب المرأة من حبيبها أن يطعم الحمام حتى لا يرحل، فأنت تعبّرين بطاقةٍ وجدانية عن شموخ امرأة بالحب، والرفض بكلمة لا.
لكن الأسى يقطر من اعترافك (حتى يبست/ وصار القلب مكحلة)، فجاءت تلك الصورة أنثوية لا تخطر في بال رجل، إذ تحمل كنايات عن التعري، أما (قصر الصلاة للنوافل) فهي عبارة مفعمة بالدلالات والشعرية، وذكية لماحة.
د. علي بن تميم بدأ من البيت الأول (إنّي عشقت/ وضاعت فيك أسمائي) الذي ذكّره بيب أبي نواس (ما مر مثل الهوى شيء على راسي)، وقال: إن نص أفياء مسكون بحوارية بين المرأة وعشيقها، لكنه يبدأ باعترافها بالجرح، بما في الحوارية من أفعال ماضٍ وحاضرٍ للدلالة على الحب الجريح، (عشقت، ضاعت،انسدلت، أمنح...)، وكذلك أفعال أمر (ابحث، اطعم، اسقِ....)، وهو حوار لامرأة معطاء تتعرف إلى اليباس حيث لا إغواء، لكن ذلك لم يوصلها إلى الكراهية، فظل كل شيء قائماً على الحب والمشاعر الجميلة، والقصيدة تصدر عن لحظة يومية لا تستطيع رفعها إلى مجال الخلق، لكن (لاء) التي وردت في البيت (ويدي تدير باسم شموخي دفة اللـ "لاء") هي اسم مبهم لا يتم إلا بالصلة، غير أن الصلة غائبة هنا.
عبدالملك مرتاض بدأ من آخر ما أشار إليه د. بن تميم، وقال إن أفياء اجتهدت بإضافة الهمزة لتنسجم والقافية. أما البيت الأول فيجمع بين الحاء والباء، وهو حب الله، لتقدم قصيدة أنثوية، فيها عشق وحناء وكحلة وإغواء وتعرٍّ وإغراء، وهي قصيدة حميمة حقاً.
ولما قارنت الشاعرة بينها وبين الضوء فكان ذلك غروراً منها وخيلاء، لكن ذلك مقبول من الشعراء. أما البيت (وعدتُ/ أسكبُ ضوءَ الكشفِ/ في وطنٍ ليلٍ فأصبحتَ معراجاً/ لإسراءِ) فجاء عجيباً وجميلاً، حيث جعلت اسم الليل صفة، وقد تزاحمت فيه عدة أمور، وهو صورة مكثفة باجتماع الليل مع الضياء، والإسراء مع المعراج، مؤكداً أن افياء أنشدت قصيدة كبيرة.
طارق يخاتل بنصه
مع طارق صميلي كان الجمهور على موعد مع (امرأة تخاتل الظلال) التي أثنى عليها د. علي بن تميم، حين قال للشاعر: جعلت جسد القصيدة مساوياً لجسد المرأة، بما فيها من صفات وشعور بالزهو والخفة والإغواء، وهو ما أوجد تماهياً بين المرأة القريبة والبعيدة مع القصيدة. تلك المرأة التي يبحث الشاعر عنها بحث الظامئ عن النبع. وفيما يتعلق بالعنوان فإنه يكشف عن العلاقة بين ما سبق، والذي يشير إليه الشاعر محمود درويش في أحد نصوصه. وما لفت الناقد إليه أن المطلع والخاتمة تتعالقان مع أبي العلاء المعري، فاستثمرت القصيدة التناص مع أحد أبياته بشكل جميل وشائق، والقبض على عالم الشعر القريب والبعيد، في حين جاءت الخاتمة جميلة تتعالق أيضاً مع بيت المعري (إني وإن كنت الأخير زمانه/ لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل)، والجميل في النص أنه تمكن من التعبير عن المعاني الشائعة بصور عذبة وجميلة، فيما عبرت العبارات الشبقية عن لذة النص. ذاك الذي قال في طارق أبياته الأولى:
فمن أين آتيها وكيف أزورها
قصي تلاقيها ودان غرورها
كأني بها تختال عند ظمائها
وتكشف ساقيها رقيق عبورها
تمر على جرح المرايا خفيفة
يسيل على الصرح المجرح نورها
إذا حكني جلد اللغات خلعته
وبت على أبوابها أستخيرها
د. عبدالملك مرتاض رأى في بعض مفردات النص ضعف لغةٍ، كتابةً ونطقاً. لكنه سأل الشاعر: أي شيطان تأوّبك، وما شاء ألهمك؟ ثم توقف عند البيت الأول، وفيه استخدم طارق خمسة مستويات من منظور بلاغي، وهي: الاستهلال، والطباق في التناقض بين القاصي والداني، والإيقاع حين وظف الهاءات الممدودة، والإيقاع حيث جاء النص معزوفة موسيقة، والنسج كما في (أزورها، آتيها، داني، غرورها)، كما يوجد منطور تدوالي، إذ جاء طارق بالمسكوت عنه، ومَكَر بالمتلقي وخاتله، فأي مطلع يسوق أمامه كل الأبيات البواق؟
من جهته وجد د. صلاح مرتاض أن القصيدة إنما هي وصف لعملية الخلق الشعري، والذي طالما كان موضوعاً عميقاً خصباً لاستثارة خيال الشعراء الذي لا يقف عند حد. لكن الشاعر اكتفى بالتقابل بين القصيدة والمرأة، وأحياناً هتك المجاز، متسائلاً: كيف تقف القصائد على باب نفسها؟
أما الصورة التي وجدها د. مرتاض غير مستحبة فهي (إذا حكني)، فكيف يخلع الشاعر جلد اللغة. وبالنسبة للتقابل بين الشعر والشعور فكان متاحاً وبسيطاً جداً، غير أن طارق وظف طاقته في بعض المهارات اللغوية، دون أن ينفد إلى عمق المهارات الشعرية، إذ ما تزال عملية الخلق تدعوه ليكتب قصيدة تليق به.
56 أسيرة والريح تشهق
(إلى 56 أسيرةً فلسطينية ما زلن يقبعن في سجون الاحتلال، إلى اللواتي اعتقلن وهن حوامل، وأنجبن وهن مقيدات داخل المعتقلات الإسرائيلية، فكنّ يكملن أمومتهن ويمنحن الأرض أمل الحياة وقلادة الحرية)، من تجربة هؤلاء النسوة كتبت آلاء القطراوي نص (أنثى من الضوء):
في وحشة الليل أسرى بالجوى ألمي
فكان يعرج نحو الله طفل دمي
وكنت أشتاق إن أضلاعي ارتجفت
حضناً أذوب به كالناي في النغم
مذ غاب حنّت لطعم الماء سنبلة
وكنت نهراً لنهر في يديه ظمي
كم أشبه الضوء إن حرّرت أشرعتي
وصرت أنثى تودّ الشمس لثم فمي
وحدي ولا نخل يا عذرا ألوذ به
أهزّه نخوة في غيرة الأمم
يفور دمعي على القضبان محترقاً
وتشهق الريح ملء الكون في رحمي
د. عبدالملك مرتاض أشاد بإلقاء آلاء الذي اعتبره جميل جداً، وقال لها: لو كنتِ رجلاً لكنتِ درويشاً. ثم قال إن الفلسطينيين عاشوا المحنة التي تعددت مآسيها وكوارثها، ولذلك سهل عليهم قرض الشعر. أما آلاء فهي تشخص في نصها قدرة الشمس على العشق وتحسس الجمال، لكن أي غرور منها حين تقول إن الشمس تود تقبيلها. من جهة أخرى رأى أن الإشارة إلى شجرة مريم العذراء إنما هو استحضار أصيل وجميل، وعندما قالت (وتشهق الريح ملء الكون في رحمي) فقد استطاعت تصوير الأم الأسيرة، وهو تصوير صادق وأمين للمرأة الفلسطينية وما تكابده وتعانيه وما تعيش من آلام، ذلك أن حساسيتها أكبر من حساسية الرجل، وختم بقوله: إن موضوع القصيدة نبيل، واللغة رفيعة، والتصوير بديع، وقد أنشدتنا آلاء شعراً كبيراً.
د. صلاح مرتاض أشار إلى أن آلاء تقدّم حالتين من التماهي والتوحيد تضيئان النص، وهما: تماهيها مع الأسيرة، وتماهي الأسيرة مع البتول العذراء، ولكل حالة تمثيلاتها الجمالية من الشوق والذوبان والنورانية. وفي بعض الأبيات تتركز شعرية جميلة، ففي (وحدي ولا نخل يا عذرا ألوذ به) تتآكل النخوة العربية والعالمية، وتتعرى القضية ويسود العار الذي يصبح قانون الحياة، لكن حوار الابن لم يرقَ كثيراً إلى الموقف. أما البيت الأخير فقد جاء خطابياً، وخشي الناقد أن يكون دعوة للاستسلام، لذلك على الشاعرة أن تبحث عن مخرج آخر لما تقوله الأم لابنها. ومع أن بعض اللقطات بحاجة إلى إعادة صياغة، إلا أن مجمل ما قدمته آلاء جاء جميلاً وقوياً.
والقصيدة حاولت تعزيز الأنثوية وهتك جدار الفجولة الشعرية كما قال د. علي بن تميم، فهو يقوم على لحظة شعرية مكثفة فيها صوفية وفداء. أما الضمائر فكانت تتأرجح بين القناع والحقيقة، وتجمع بين القوة والضعف والألم والحزن، ومن المتناقضات تولد أنثى الضوء. وحول البيت الذي أشار إليه د. مرتاض؛ قال بن تميم: كأنه دلالة على انتهاء المعجزات، وانتهاء الرابط بين الدنيوي والسماوي، ليُختتم النص بالبيت (في القدس ينطق من في المهد كلهم/ وينجب النخل آلافاً من القمم) الذي يحمل تفكيكاً لمسألة انتظار المعجزة، ويتحول إلى لون من ألوان الفخر، مع أن آلاء في نيّتها رسم لوحة الصراع.
شعر يسكب عطراً
كعادته ذهب علي العبدان إلى بحر قليلاً ما يذهب إليه الشعراء، وإلى لوحة موسيقية اعتادت لجنة التحكيم عليها مذ بدأ رحلته في "أمير الشعراء"، ليلقي ليلة أمس قصيدة (روح شاعر عربي)، فقال د. مرتاض بعد سماعها: إن الشعر لدى علي كالعطر، ونظم القصيدة جيداً، وسبكها شعرياً، وهي تؤكد أن للشاعر طاقة تشكيلية فنية يعرف كيف يوظفها في تطويع اللغة، وهنا يكمن التحدي، وهو ما تمثل في توظيف المسك في المطلع. كما رأى د. مرتاض من الجمال أنّ الشعر لدى الشاعر يجعل العشق يسيل على وادي عبقر، رغم القافية التي دفعته إلى كتابة مفردات غير صحيحة معجمياً في النص الذي جاء فيه:
ذر شعراً في ليـالي الندامى
ريح مسك من غزال تدامى
ملهماً أسفار عهد جديـد
كمـلاك بالقلـوب تسامى
سيـل العشق على كل واد
عبقري وأجار الغماما
في يبـاب يخنق الماء بغضاً
وسماء تستطيب الظلاما
سل ورداً من غمود الأغاني
ثم أهدى من شذاه سلاما
د. بن تميم أكد أن الشاعر يؤمن بوادي عبقر مصدراً للإلهام كما قالت العرب. واعتبر النص جميلاً، حيث اختار الشاعر البحر المديد وزناً له، وكأنه بذلك يبحث عن وزن غير مطروق رغم جماله، ليكون أول من يستخدمه في المسابقة، فجعله جواداً يركض. كما أشاد الناقد بالروح الشعرية في النص، والتي رسمت الواقع العربي الجريح، فكان الشاعر مصدر العروبة والجمال والنور والحب والجمال، أما البيت (راحلاً في ظل شك رقيق/ مستجيراً من طريق تعامى) فهو الأجمل في القصيدة التي جاءت بمثابة أنشودة حب وحياة مرسومة بريشة فنان تبعد الشاعر عن طريق الضلال.
وختم د. مرتاض بقوله: إن البحر ممتع عند القراءة. أما إلقاء عليّ فقد منح النص شعرية خاصة، والجميل كذلك أن الشاعر عرج على وادي عبقر الأسطورة الجميلة، لكن حبذا لو وظفها في شعره ليكتب قصيدة أكثر تطوراً، فما ألقاه عليّ بحاجة إلى صور فنية ترقى إلى الشعرية البديعة.
ناي بين الحزن والفرح
مع (سير ة ذاتية لناي سماوي) كان للجمهور فرصة لسماع نص آمنة حزمون التي اعتمدت البحر الكامل في إبداعه، ومما قالت في النص:
الناي يبكي غابة ضحت به
لم تقترح فرحاً لطرد الحزن
وكعازف أعمى بأندلس إذا
غنى يشق صباحه للكون
الناي أصدق من يترجم دمعة
ما مثلت في مسرح للعين
الناي رسام يجرب لوحة
يهدي الحياة مصادفات اللون
وكيوسف في جب ظلمته يرى
ضوء الخلاص وما السجن
د. علي بن تميم أشار بداية إلى الشعراء الذين تحدثوا عن الناي، وهم كثر، مضيفاً أن النص الذي ألقته آمنة يقترب مما أنشده الرومي (أنصت إلى الناي) الذي جاء في سلسلة مثنوي، فالناي عند الرومي يرمز إلى النفس البشرية، والغاب يرمز إلى نفس الإنسان الأول. لكن البيت الثاني لا يتسق مع الأول. أما القصيدة فترسم تجليات الناي، وقد برعت الشاعرة في تجسيده، في حين جاءت الأبيات الأربعة الأخيرة غنية بالألوان.
د. عبدالملك مرتاض أشاد بإلقاء آمنة، وبالديدن الجديد في الموسم السابع، ملاحظاً تطوراً مهماً في إلقاء الشعراء قصائدهم. ثم تحدث عن البحر الكامل الذي استطاعت الشاعرة تطويعه بقطع سوطه في الشطر الأخير، فهو من فحول البحور. ومع أن الشاعرة تملك قدرة على التحكم بالبحور؛ إلا أنه سألها عن سبب كتابتها الشعر المقفى، مفضلاً أن تكتب قصائد تفعيلة حديثة.
وأضاف أن قصة يوسف وزليخة كتب فيها الشعراء كثيراً، لكن ما جاءت به آمنة فيه طرافة وكثافة. وأشار د. مرتاض إلى لغة الشاعرة المعجمية النقية،وبعض اللغة الشعرية، وختم بالقول أن آمنة أنشدت نصاً شعرياً أنيقاً.
د. صلاح فضل طلب من الشعراء عدم المبالغة في النزعة الخطابية، إذ لا بد أن يهمس الشعراء لا أن يخطبوا. أما بالنسبة لقصيدة آمنة فوجد فيها تقاسيم شعرية جميلة على ناي التراث العربي، فتبدأ بشعراء المهجر، وتعرج على شعراء الأندلس، ثم تشير بطريقة جيدة إلى الأعمى، لتستحضر بعد ذلك قصة يوسف وسيدات الحسن. وقد شبه الناقد القوافي بالأنافورا التي تتوازى في المطالع، وبرأيه كان ذلك المرتكز جميلاً وبديعاً أوصل الشاعرة إلى قلب الحالة الشعرية. وحين ختمت بالقول (وله تناقضه الجميل فعندما/ يبكي يقول خذوا السعادة مني) فكأنها ترد بذلك على مطلع النص، فالناي لا يئن فقط، إنما يجلب السعادة كذلك.
أبيات الارتجال ..
ألقى الشعراء الخمسة ليلة أمس أبيات الارتجال التي حددت موضوعها اللجنة العليا، وموضوع أمس جاء في سياق مهرجان أم الإمارات، فتحدث فيه الشعراء حول تعزيز الأسرة، والروابط الأسرية والمجتمعية والمعالمية، والقيم الجامعة والرابطة للمجتمع.
وبعد إلقاء الشعراء أبياتهم رأت لجنة التحكيم أنهم أجادوا، إذ التقطوا جوهر الموضوع، وعبروا عنه بأشكال جيدة وبطريقة بديعة، وبلغة إبداعية، وبتراكيب قوية، وبصور جميلة، وببحور مكنتهم من الإمساك بالفكرة، فبرزت خاصية كل شاعر على حدة.
معايير و5 شعراء
في كل حلقة من حلقات المرحلة الثانية يشارك خمسة شعراء، حيث تؤهل لجنة التحكيم شاعراً، أما الجمهور فيصوت للشاعر الآخر على مدار أسبوع، ولكل طرف 50 درجة.. بعدها يتأهل ستة شعراء فقط يتنافسون في حلقتين أخيرتين، وللجنة في هذه المرحلة 60 درجة، مقسومة بالتساوي على الحلقتين، وللجمهور 40 درجة، حيث يصوتون على مدار أسبوع لمن يرونه أجدر بالفوز، ثم يتم الإعلان عن النتائج كاملة بعد إضافة درجات اللجنة إلى درجات الجمهور، والشاعر الذي سيحصل على أقل درجة يخرج من المنافسات، أما النصف الثاني المخصص للجنة فيمنح للشعراء في حلقة الختام، وبناء عليه يتم تحديد مراكز الشعراء الخمسة.
وفي الحلقة القادمة سيكون الجمهور على موعد مع حسن عامر من مصر، شيخنا عمر من موريتانيا، قيس قوقزة من الأردن، عمر عناز من العراق، وإباء الخطيب من سوريا.
مهرجان، وحياة، وإنشاد
ليلة أمس تمّ عرض تقرير عن "أم الإمارات" سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك – حفظها الله، وعن مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء، فيما قدّم المنشد الفنان صالح اليامي شيلة، وكلماتها من أبيات الشاعر العباسي أبي تمام الذي قال:
إذا جاريت في خلق دنيئاً فانت ومن تجاريه سواء
رأيت الحر يجتنب المخازي ويحميه عن الغدر الوفاء
وما من شدة إلا سيأتي لها من بعد شدتها رخاء
إذا ما رأس أهل البت ولّى بدا لهم من الناس الجفاء
لقد جربت هذا الدهر حتى أفادتني التجارب والعناء
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
إذا لم تخشَ عاقبة الليالي ولم تستحِ فافعل ما تشاء
والفنان والمُنشد صالح اليامي، معروف بمشاركات متعددة في دواوين شعرية لمجموعة من الشعراء، والملحنين المعروفين.