في أمسية حفلت بجمال الكلمة وروعة القوافي وقصائد شعرية جميلة حملت بين طياتها المعنى الجميل والحب والسلام، انطلقت أمس – الأربعاء – أولى أمسيات المرحلة الثانية من برنامج أمير الشعراء في موسمه السادس مباشرة من على مسرح شاطئ الراحة وعبر قناة بينونة الفضائية الإماراتية.
وكانت رحلة أمس الشعرية قد انطلقت مع 5 فرسان هم “خالد بشير من السودان، لؤي أحمد من الأردن، نفين طينه من فلسطين، مشعل الصارمي من سلطنة عمان، وحيدر العبدالله من السعودية”.
واستهلت الحلقة الأولى من المرحلة الثانية بترحيب مقدم البرنامج الممثل القدير باسم ياخور بأعضاء لجنة التحكيم المؤلفة من دكتور صلاح فضل من مصر/، الدكتور علي بن تميم من الإمارات/، والدكتور عبدالملك مرتاض من الجزائر، وبالشعراء المشاركين وجمهور مسرح شاطئ الراحة.
معايير المرحلة الثانية
ومن ثم قام الدكتور علي بن تميم بتعريف الشعراء والجمهور بمعايير المرحلة الثانية فقال “في هذه المرحلة من المسابقة يكون هناك 5 شعراء أمام معايير تحكيم جديدة، ففي الجزء الأول منها يلقون نصوصاً يختارونها بذواتهم، بحيث يكتب كل واحد منهم من 7 إلى 10 أبيات كحد أقصى، على أن تكون موزونة ومقفاة وحرة الموضوع، وفي الجزء الثاني من الحلقة جارى الشعراء قصيدة لأبي تمام اختارها أعضاء لجنة التحكيم وتم توزيعها على الشعراء ارتجالاً موضوعاً ووزناً وقافية من خلال 4 أبيات، على أن يُمنحوا الوقت الكافي للارتجال، أما اللجنة فتقسّم الدرجات على جزأي الحلقة، الجزء الأول المرتبط بالنصوص التي اختارها الشعراء، والجزء الثاني المتعلق بالنصوص المرتجلة”.
ويتنافس في كل حلقة (من الحلقات الثلاث للمرحلة الثانية) 5 شعراء، على أن يتأهل شاعر بقرار لجنة التحكيم وشاعر بتصويت الجمهور، ليصل للمرحلة قبل الأخيرة 6 شعراء فقط يتنافسون على لقب “أمير الشعراء”.
نتائج الحلقة الخامسة
وكانت قد بدأت الحلقة السادسة بإعلان نتائج تصويت جمهور الشعر العربي التي استمرت على مدى أسبوع كامل، حيث أضيفت لدرجات لجنة التحكيم التي منحتها لهم في الحلقة الخامسة آخر حلقات المرحلة الأولى الأسبوع الماضي، ليتأهل بالتالي الشاعران خالد بشير من السوادان 86% وعبد الله أبو بكر من الأردن 48% لينضما إلى قائمة ال15 شاعراً في المرحلة الثانية من البرنامج، فيما خرج الشاعر شاكر الغزي مودعاً مسرح شاطئ الراحة بعد حصوله على أقل نسبة تصويت.
وبالتالي يكون الجمهور قد تعرّف على هوية ال15 شاعراً الذين انتقلوا إلى المرحلة الثانية وهم “الأردني لؤي أحمد والمغربي ياسين حزكر والعراقي نذير الصميدعي والسعودي حيدر العبدالله والسودانية مناهل فتحي والمصري عصام خليفة والفلسطينية نيفين طينة والموريتاني محمد ولد ادوم والسعودي مفرح الشقيقي والسوري مصعب بيروتية، المصري محمد الحناطي، السعودي حسن الصميلي، والعماني مشعل الصارمي، والأردني عبدالله أبوبكر، والسوداني خالد بشير”.
وتبث حلقات المسابقة على الهواء مباشرة من على مسرح شاطئ الراحة عبر قناة “بينونة” الفضائية وقناة أبوظبي الأولى، كما يتم عرضها على التلفزيون السعودي – القناة الأولى، وقناة المحور الفضائية المصرية، والمسابقة تنظمها وتنتجها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وتنفذها شركة بيراميديا.
أسبوع الانتظار والعبدالله متأهلاً
7 أيام سيعيشها 4 شعراء على أعصابهم مع احتدام المسابقة وشدة التنافس بعد أن تأهل الشاعر السعودي حيدر العبدالله للمرحلة الثالثة من أمير الشعراء 6 بانتزاعه بطاقة التأهل من أعضاء لجنة التحكيم الذين أجمعوا على أنّ قصيدته كانت الأجمل والأكثر تكاملاً حيث حصل على أعلى درجات لجنة تحكيم المسابقة وهي 46%، فيما حصلت الشاعرة الفلسطينية نيفين عزيز طينة 45%الشاعر الأردني لؤي أحمد44 % الشاعر الموريتاني محمد ولد أدوم 41 %الشاعر العماني مشعل الصارمي 40%.
فقرة المجاراة
كان ضيفا الحلقة في فقرة المجاراة بين الشعر الفصيح والشعر النبطي الشاعرة الأردنية حليمة العبادي نجمة شاعر المليون في موسمه الرابع، والشاعر السعودي جاسم الصحيح نجم أمير الشعراء في موسمه الأول حيث كانت بينهما مجاراة ألهبت المسرح وتفاعل معها الجمهور، حيث قدم كل منهما قصيدة جارى فيها زميله فقدمت حليمة قصيدة بعنوان “طفولة عيد” في حين رد الصحيح عليها بقصيدة من شعر الفصحى، ومن ثم ألقى الشاعر الصحيح قصيدة فصحى لتعود حليمة وترد عليه بقصيدة فصحى جديدة، وقد لاقت هذه الفقرة المجاراة بين الشعر النبطي والشعر الفصيح تصفيقاً حاراً وإعجاباً من قبل الجمهور المتواجد.
العبدالله وناحت المراكب
أول فرسان أمسية الشعر الجميل الشاعر السعودي حيدر العبدالله الذي عبر عن رغبته في أن يمتهن مهنة الفلاحة لما فيها من بساطة، كما أعلن عن سعادته ومباركة القرار الذي نصّ على تعيين سمو الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد في المملكة العربية السعودية وتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد، ومن ثم قرأ قصيدة أهداها للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، بعنوان “ناحت المراكب” وجاء فيها:
ومن شجر الفؤاد قطعت جذعاً
حفرت له فماً
ويداً نحتا
بداية قال الدكتور صلاح فضل من الواضح أنك تبحر بين بحرين بحر السياسة وبحر الشعر ولكننا هنا لنرقب خطواتك في بحر السياسة كيف تعبر عنه شعراً، تحدثت عن صانع الاتحاد العظيم، فوفقت في تصويره أحياناً كثيرة، لكن قوافيك متكلفة كقولك “تأتى” وهي كلمة ثقيلة جداً.
أمّا الدكتور علي بن تميم فقال إن كان المغفور له بإذن الله قد انطلق من الأمل وحوله إلى الواقع، فحيدر العبدالله انطلق من الواقع إلى الحلم، هذا المسير تخلله حديث مع الذات، فيناجي حيدر الخليج مناجاة الذي يرسم صورة مملوءة بالحب للخليج، كما أنّ العنوان يستمد روحه من القرآن الكريم.
ثم قال الدكتور عبدالملك مرتاض لقد نأيت بنا في هذه القصيدة عن المألوف مما يعالج في الشعر في مثل هذه القصيدة بالبكاء على الأطلال، فالراحل حاضر في إنجازاته التي خلفها والتي يشهد لها، لم تكن لغتك سياسية ولا إعلامية ولا يومية بل شعرية جميلة مثقلة بالجمال واللغة العالية.
لؤي والصعاليك
ثاني فرسان الأمسية الشاعر الأردني لؤي أحمد الذي أبدى عن رغبته في تقرير مصور له قبل صعوده إلى المسرح بأن يحترف ابنه الشعر فيكتبه ومن ثم يصل إلى المسرح ليعرف أي خطيئة جميلة ارتكبها والده، ولم يُخفِ أمنيته بأن يكون عضو هيئة تدريس جامعي، ومن ثم قرأ قصيدة بعنوان “معاً نموت” جاء فيها:
نَمضِي ونَعلَمُ أنَّ الموتَ صَائِدُنَا
ومَا سَألنَا:مَتى أو أينَ أَو كَيفَا؟
لكنَّهُ الحُلمُ يَأتِينَا فَنحمِلُهُ
صَوْبَ الحَقيقَةِ ريحاً تنتَضِي سَيْفَا
بداية قال الدكتور علي بن تميم تربط بين الماضي والحاضر في قصيدتك ربطاً هامساً، أظن أنه ربط ماك وذكي ويحسب لك، كما أنّ النص استدعاء لحياة الصعاليك، فالقصيدة تعبير عن نص مسكون بحلم جماعي لكن ألاحظ أنك بنيت عالماً رومانسياً، إلاّ أنك أصبت بحنين إلى حياة الصعاليك بوصفهم المثل الأعلى.
وقال الدكتور عبدالملك مرتاض ما هذا العنوان اليائس البائس، وإن كان العرب يموتون قليلاً فأنت تدعو إلى موتهم كثيراً، لا نريد أن نقع في هذا اليأس نحتاج إلى الأمل والإيمان بالمستقبل، وفي القصيدة استحضار للتراث الشعري العربي، فأنت شاعر توشك أن تكون فحلاً.
وبدأ الدكتور صلاح فضل تعليقه بالقول تكاد تكون صعلوكاً حقيقياً، شعرك قوي فيه عرامة وإصابة عن روح الصعاليك في العصور الأولى لكنك أغفلت قيمة مهمة في وصفك إياهم وقد تجاهلتها كلياً وهي قيمة العدالة، وفي قولك ” ونَعشقُ البَيتَ لكنْ نَكرهُ السَّقفَا” تعبير كجازي جميل جداً عن عشق الحرية.
ولد إدوم وروح الماء
ثالث فرسان الأمسية الشاعر الموريتاني محمد ولد إدوم الذي عبر عن حلمه بامتلاك طائرة ليستطيع السفر إلى كل بلدان العالم والتعرف على ثقافتها، إلى جانب رغبته في أنّ يصبح سفيراً للنوايا الحسنة، وقرأ قصيدة بعنوان “روح الماء” جاء فيها:
ماذا نقولُ لطفلٍ يستغيثُ غداً؟
لا شيءَ غير اخْتلاقِ العذرِ نتقِنُهُ!
الأرضُ ظمأى لأن الروحَ ناضبةٌ
والماءُ بين ثنايا الروح موطِنُه
بداية قال الدكتور عبدالملك مرتاض لقد بالغت يا محمد في الإنزياح اللغوي الشعري الذي جعل المتلقي في بعض الأحيان غير قابل للإدراك والفهم، قصيدتك وكأنها قاحلة فيها الكثير من التعابير التي تدل على ذلك “عطش، وحش، …”، ما هذه اللغة الهجينة التي بدأتم تصعقوننا بها يا شعراء اليوم، ورغم هذا فإن قصيدتك بها كلمات شعرية جميلة، رغم أنّ ليس به موضوع معين.
ومن ثم قال الدكتور صلاح فضل تبني قصيدتك على فكرة شبه فلسفية تعتمد على نص قرآني، ولكن من أين لك أن تقول إنّ عروس النيل قد انتهت ولا تفي بوعودها، لأن النهر دائما ما يفي بوعوده. إلاّ أنّ أهم ما في هذه القصيدة نقد الحاضر بصورة شعرية تستشرق المستقبل، لا بد لنا أن نملأ حياتنا بماء الحب وماء الشعر وماء الجمال.
وقال الدكتور علي بن تميم هذه القصيدة استسلمت إلى شهوة الحكمة، الحكمة الذهنية جداً، نص فيه شعرية لكنه يفتقد للشعر، ووقع أسير العنوان، حيث أنّ فكرة الماء تطغى في النص وكأننا في صدد درس عن شح في الماء، وتساءل الدكتور علي هل تبيح يا محمد القتل لسبب؟؟.
الصارمي والرؤيا
رابع فرسان الأمسية الشاعر العماني مشعل الصارمي الذي عبر في تقرير مصور عن رغبته في إخراج الأفلام القصيرة وإنتاجها، ومن ثم قرأ قصيدة بعنوان “رؤيا”، جاء فيها:
وَبِتُّ أَغْرَقُ فِي بَحْرِ الحَيَاةِ وَكَمْ
رَأَيْتُ مَوْتِي عَلَى أَكْتَاْفِيَ اخْتَنَقَا
وَكُلَّمَاْ لَاْحَ كَشْفٌ فِي مَدَى نَفَقِي
يَمُدُّ لِيْ الغَيْبُ مِنْ دَيْجُوْرِهِ نَفَقَا
بداية قال الدكتور صلاح فضل لماذا كل هذا الطوفان والغرق الشديد، رؤياك قاتمة وحزينة وهذا حقك، لا نستطيع أن نجادلك، يمكنك أن تتعلم من عيون الشعر، هناك اشارات خارج القصيدة لا نستطيع أن نستشف معناها، لديك طاقة شعرية يا مشعل.
ومن ثم قال الدكتور علي بن تميم روح متشائمة حطت بكل ثقلها هذه قصيدة تقدم لحظة أفول ولحظة يأس، ضعف في التصوير ومفردات الموت كثيرة بها، هذه ليست رؤيا بل أضغاث أحلام وكوابيس، الشعر هو الذي يمجد الحياة ولا يأس فيه.
أمّا الدكتور عبدالملك مرتاض فقال العنوان ليس شعرياً، إلاّ أنّ في نصك لغة شعرية متعانقة تستكين ألفاظها بألفاظها، قدرة على التحكم بها باللعب باللغة.
نفين وقميص النور
خامسة فرسان الأمسية الشاعرة الفلسطينية نفين عزيز طينه التي أبدت رغبتها في التقرير عن أن تكون وزيرة للثقافة الفلسطينية لتعطي كل شاعر أو شاعرة الحق في طباعة ديوان شعري، بالإضافة لأن تمتلك القدرة على تأسيس دار للأيتام، ومن ثم قرأت قصيدة بعنوان “قميص النور” جاء فيها:
كأنَّ بها دمْعًا يُخالطهُ الدمُ
وتَمطُرُ في روحي أمانٍ غزيرةٌ
ولكنَّ ما يزجي السحائبَ مُكدَمُ
حياتي أجاجٌ غصَّ بالعذْبِ حلقُها
بداية قال الدكتور علي بن تميم وكأن الشاعرة تنتظر معجزة تخلصها وتأخذها إلى النور من الظلمة، نور الحياة، تركزين على كلمات مثل “عين، خافق..” لتنزع بذلك القصيدة إلى الداخل، كما أنّ هناك بعض الأبيات المهمة أيضاً في القصيدة، حيث أنّ هناك بصيرة وإن غاب البصر.
وقال الدكتور عبدالملك مرتاض كأنك نسجت هذه القصيدة من سوائل وذلك ما حققته من انزياح لغوي جميل، لقد عبرت عن تورم الجفن بالبكاء، حاولت معالجة مسألة التغرب الذي مني به الشعب الفلسطيني.
أمّا الدكتور صلاح فضل ما أوجع جرحك يا نفين وما أشعرك في التعبير عنه، شعرك مضمخ بالعطر القرآني البليغ، النبرة المتفائلة الأخيرة لديك تخفف وطأة هذا الجرح.
إبداع الإرتجال في الجزء الثاني
وفي الجزء الثاني من المسابقة قدم الشعراء الخمسة أبياتهم الإرتجالية وقال الدكتور صلاح فضل لا مجال للتفصيل في التعقيب، فالشعراء جميعاً أتقنوا في مجاراتهم، حيث قامت نفين وحيدر بالربط بين الهوى والوطن، وقدم لؤي مقطوعة قوية وعنيفة وشعرية جميلة، في حين أن محمد عبر عن ذكورية شديدة ضد الأنثى لم ينصف حبيبته، أمّا مشعل كان موفقاً إلى درجة كبيرة، وبالتالي فإن شعراء الحلقة أبدعوا في التريث وفي العجل وفي كل حين يتوهجون.
أمّا الدكتور علي بن تميم فقال لم أر مثلكم في مجاراتكم لأبي تمام.
وبدوره قال الدكتور عبدالملك مرتاض شعرية طافحة جميلة قدمها الشعراء الخمسة من مطلعها إلى آخرها.
فرسان الحلقة الثانية
أمّا فرسان الحلقة الثانية من المرحلة الثانية من البرنامج هم “عبدالله أبوبكر من الأردن، عصام خليفة من مصر، حسن الصميلي من السعودية، مناهل فتحي من السودان، ياسين حزكر من المغرب.